تعرف موجات الحر (Heat Waves) بارتفاع غير عادي في درجة حرارة الطقس، نتيجة تحرك الضغط العالي في الغلاف الجوي ودفع الهواء الدافئ نحو الأرض، وباستمرار زيادة ضغط الهواء تزداد درجة حرارته مما يزيد الإحساس بسخونة الجو. تتسبب هذه الموجات بما يعرف بالإجهاد الحراري (ضربة الشمس)، التي تشمل أعراضًا كالدوار والإغماء، الصداع، جفاف الجلد، ارتفاع في درجة الحرارة، والوفاة في الحالات المتأخرة.
ومع زيادة هذه الموجات على مستوى العالم، زاد التوجه إلى أجهزة التكييف كحل سريع ومباشر للتغلب عليها. ولكن على الصعيد الآخر فهناك أزمات الطاقة المطلوبة لتشغيل هذه الأجهزة وارتفاع أسعارها؛ والأكثر خطورة هو تأثيرها السلبي على صحة الإنسان. فهل هناك بدائل نستطيع بها مواجهة موجات الحر تجنبنا استخدام التكييف؟ هذا ما سنوضحه في السطور التالية.
استخدام التكييف سلاح ذو حدين، فما المقصود بذلك؟
يعد استخدام تكييف الهواء حلًا جيدًا لمواجهة الموجات الحارة، فبيئة العمل الباردة قادرة على تحسين الأداء. لكن هناك جوانب سلبية تنتج عن كثرة التواجد في بيئات هوائها مبرد صناعيًا وتشجعنا على استخدام بدائل التكييف من أبرزها:
- مشكلات الجهاز التنفسي
يميل الأشخاص الذين يقضون وقتًا كبيرًا في الأماكن المكيفة إلى الإصابة بأعراض الجهاز التنفسي العلوي، كانسداد الأنف والتهابه وجفاف الحلق والعطس وسيلان الأنف وتراكم المخاط المفرط في الجزء الخلفي من الأنف والحلق، نظرًا لأن الهواء المكيف يصبح جافًا جدًا، فقد يؤدي ذلك إلى جفاف وتهيج أغشية الحلق تؤدي لخلق بيئة خصبة للإصابة بالتهاب البلعوم مما يتطلب الغياب عن العمل.
- الحساسية والربو
إمضاء الشخص وقتًا طويلًا بمكان مكيف، وتعرضه للغبار والمواد الكيميائية المنبعثة من التكييف لمجموعة من المحفزات المحتملة للإصابة بأزمات الربو، وأيضًا التعرض للرطوبة التي تتراكم في الوحدة، مخلفًة بيئة مناسبة لنمو العفن وانتشار الجراثيم عن طريق الهواء المتدفق عبره، مؤديًا إلى تفاعلات الحساسية لدى العديد من الأشخاص، وأيضًا زيادة حدوث أزمات الربو لديهم.
- الأمراض المعدية
يؤدي تهيج الأغشية المخاطية من الهواء الجاف الناتج عن التكييف إلى الجفاف المخاطي، ولأن المخاط يعمل كطبقة واقية قادرة على منع الفيروسات والبكتيريا، فجفافه يجعل الشخص أكثر عرضة للخطر، وهناك أيضًا بكتيريا خطيرة للغاية وربما مميتة وتسبب مرض Legionnaires ويزيد تأثيرها في وحدات تكييف الهواء الكبيرة المتسببة في الوفاة للكثير من الأشخاص في العديد من المدن.
- إحساس الخمول
أشارت بعض الأبحاث إلى إمكانية الشعور بحالات تباطؤ غير مبرر في الأشخاص الذين لديهم مكيفات هواء في منازلهم أو مكاتبهم، ويعتادون ضبطه على درجة حرارة منخفضة جدًا، لذلك يفضل الخروج من تكييف الهواء بانتظام أو ضبطه عند مستوى حرارة أعلى.
يجب توخي الحذر عند الخروج في درجة حرارة الهواء الحقيقية لاحتمالية إصابة الجسم بالتوتر الشديد وقد تصل إلى الوفاة في أيام ارتفاع درجات الحرارة، حيث يفقد الجسم طاقة كبيرة لتعديل درجة حرارته عند التناوب السريع بين أجواء متفاوتة بشكل كبير في درجة حرارتها.
- الجفاف
تجفف أنظمة تكييف الهواء بطبيعة عمله، قد يعد هذا رائع في بيئة ذات رطوبة عالية حيث تساعد في تقليل مستوى الرطوبة في الهواء. ولكن قضاء الكثير من الوقت في الهواء الجاف، قد يكون ذلك سببًا مباشرًا للإحساس بالجفاف، كما يقلل من الرغبة في تجديد مستويات السوائل لتحل محل الماء المفقود من الجسم. وتزيد احتمالية الإصابة بالجفاف والذي بدوره يسبب بشكل مباشر الإحساس بالصداع والتعب وعدم القدرة على التركيز وجفاف الشفاه وجفاف البشرة والحكة وزيادة نسبة التهيج.
بدائل التكيف التي تحافظ على برودة المكان وجسم الإنسان
1. النوافذ والأبواب الخارجية للمكان
في ساعات الصباح الباكر وساعات الليل يكون فتح النوافذ والأبواب الخارجية المتاحة وسيلة بديلة للتكييف، حيث تخلق تيارات هوائية طبيعية تقلل من ارتفاع درجة حرارة المكان، ولكن يجب الحرص على إغلاقها في باقي ساعات اليوم، وخصوصًا التي تكون منفذا لأشعة الشمس المباشرة.
كما يمكن فتح الجزء العلوي من النوافذ على الجانب السفلي من المنزل، والقسم السفلي على الجانب العكسي من الريح، وسيخلق تيار ضغط تبريد داخل المكان.
2. استخدام الستائر أو المظلات
تستخدم الستائر في الأماكن التي تتعرض لأشعة الشمس المباشرة خلال النهار، حيث تسمح النوافذ بدخول حوالي 25 بالمائة من حرارة الصيف.
3. عزل العلية والجدران
يعد عزل الجدران والعلية من أكثر الحلول المتداولة في الحفاظ على المنزل أكثر دفئًا في الشتاء، ولكنه أيضًا يعد حلًا بديلًا للتكييف، حيث يحافظ على برودة المنزل في الصيف، ويعد سببًا لخفض فواتير الطاقة بالحفاظ على الهواء في الداخل البارد منه أو الساخن.
اقرأ أيضًا: خطوات عزل حوائط وأرضيات الفراغ.
4. زراعة الكروم والنباتات المتسلقة
الكروم واللبلاب من النباتات المتسلقة التي تنمو سريعًا على الحوائط مانعة ضوء الشمس، نتيجة ذلك توفر الظل لتبريد الأرض وتقلل من تعرض الحوائط الخارجية لامتصاص حرارة أشعة الشمس، فيكون من بدائل التكييف لتأثيره الكبير على الحد من ارتفاع حرارة المكان داخليًا.
5. أفلام النوافذ المعزولة
تقدم أفلام النوافذ الكثير من الفوائد، من خفض ثمن الطاقة إلى توفير الخصوصية مع الاستمتاع بالمنظر والضوء الرائع في الهواء الطلق. كما توفر ما يصل إلى 98%من تقليل الحرارة مقارنة بالنوافذ غير المحمية، وتقليل اختلالات درجات الحرارة داخل المنزل.
6. المناشف المبللة وستائر التبريد
تستخدم المناشف المبللة لتبريد هواء الغرفة ولكن بمراعاة درجة الرطوبة بالمكان، حيث يفضل الحافظ على الرطوبة الداخلية أقل من 60% باستخدام جهاز إزالة الرطوبة، ولكن هو حل بديل للتكييف الذي يجعل الجو جافًا تمامًا ويمكن استخدم المياه التي تجمع من الجهاز لسقي النباتات المتسلقة المذكورة سابقًا.
كما يمكن صنع ستائر تبريد برش ورقة بالماء البارد وتغطية فتحة النافذة، وحينها سيضرب الهواء الورقة ويمر عبر القماش البارد الرطب سيساعد في الحفاظ على برودة المكان دون تكييف.
7. الإضاءة الاصطناعية
يفضل إيقاف تشغيلها نهارًا أو تغيرها لأنواع اقل إصدارًا للحرارة، حيث تهدر المصابيح المتوهجة ما يقدر بنحو 90% من طاقتها في الحرارة التي تنبعث منها، لذلك استبدالها بمصابيح الفلورسنت المدمجة يؤثر بشكل كبير في خفض درجة الحرارة المنبعثة، وتبعًا لذلك خفض حساب الاستهلاك.
8. استخدام المراوح وإعدادها في الأماكن المناسبة
إن المروحة بجميع أنواعها تعد من أهم البدائل للتكيف، ولكن يجب الحرص على وضعها بالشكل الصحيح، فمثلًا المروحة المعلقة في السقف يجب ضبط شفراتها للدوران عكس اتجاه عقارب الساعة (عندما تنظر إليها لأعلى) لدفع الهواء لأسفل، والتحكم بسرعتها لتوفر أقصى الأجواء راحة للجسم.
كما يمكن تحقيق ذلك أيضًا بوضع المراوح الصندوق في النوافذ أو الممرات حتى تتمكن من إنشاء نسيم متقاطع يجذب الهواء البارد من الخارج (أو جزء أكثر برودة من المنزل) إلى المناطق ذات درجات حرارة عالية.
وأيضًا يمكن بالمراوح إنشاء نسيم بارد صناعي، عن طريق ملء وعاء بالثلج أو كيس ثلج وضعهم أمام المروحة ثم تشغيلها وسيحاكي الهواء نسيمًا باردًا ضبابيًا.
9. تقليل استعمال الأجهزة الحرارية نهارًا
يفضل تأجيل استعمال الأجهزة التي ينتج عنها كميات كبيرة من الحرارة كالأفران والمكواة لساعات المساء، حتى لا تتضاعف حرارة المنزل نهارًا مع حرارة الجو.
10. التنبؤ المبكر بأعراض الإجهاد الحراري
قبل وصول الشخص لدرجة الإجهاد الحراري، هناك بعض ردود فعل للجسم مؤشرًا لاحتمالية حدوثها، كالطفح الجلدي وتقلصات العضلات وجفاف البشرة، كأعراض تنبيهية خصوصًا عند الأطفال وكبار السن الذين يعانون مرضًا مزمنًا حتى لو لم يتعرضوا لأشعة الشمس المباشرة.
11. تجنب التعرض لأشعة الشمس المباشرة
يجب الحرص على تجنب الخروج خلال أكثر الأوقات حرارة في اليوم، وتجنب النشاط البدني الشاق ولو كان ضروريًا فتجنب ساعات اليوم الأكثر ارتفاعًا في درجات الحرارة، والحرص على التحرك في الظلال على قدر المستطاع، وتجنب ترك الأطفال أو الحيوانات في سيارات متوقفة، ويفضل ارتداء قبعة عريضة الحواف أو قبعة ونظارة شمسية، وتكون الملابس خفيفة وفضفاضة من المواد الطبيعية.
12. المياه الباردة والسوائل
الحرص الدائم على تناول المياه والسوائل الباردة على مدار اليوم وخصوصًا ساعات النهار، والحفاظ على برودة الجسم وترطيبه عن طريق الاستحمام بالماء البارد واستخدام العبوات واللفائف الباردة والإسفنج وحمامات القدم للحفاظ على البرودة، ووضع عبوات باردة على الرقبة والرأس والفخذ إن لزم الأمر لتخفيف درجة حرارة الجسم.
13. تبريد مكان نومك
تجهيز الفراش لكي يكون باردًا حين وقت النوم يتحقق بخطوات بسيطة، حيث يمكن وضع المفرش والغطاء في جراب ووضعه في الثلاجة لكي يكون باردًا في المساء، ومراعاة اختيارها من النوع الخفيف ذا الخيوط الطبيعية.
كما يمكن تبديل الوسادة والمرتبة بنوع يحتوي هلام تبريد ليوزع حرارة جسم الإنسان بشكل لا يؤدي إلى جعل المكان ساخنًا، وهو ما يعد بديلًا جيدًا لتجنب استخدام التكييف أثناء النوم.
المبالغة في الشئ يكون ذو عائد سلبي، فكما ناقشنا تأثير الموجات الحارة والإفراط في اختيار الحلول السهلة وأضرارها على جسم الإنسان، فأيضًا عواقب موجات البرد واللجوء للحلول الصناعية ما لا يقل عن الأخرى ضررًا على جسم الإنسان، فيجب علينا التوجه إلى اختيار البدائل الطبيعية لعدم خلق بيئة مصطنعه تؤدي لنتائج سلبية على حياة الإنسان خاصة، وعلى طبيعة الكرة الأرضية عمومًا.