كلّما نتقدم خطوة في السلّم الوظيفي، تزداد المسئوليات وتصبح أكثر أهمية في العمل، حيث نبدأ في تولي مهام معقدة أكثر تحتاج إلى طريقة عمل مميزة في التعامل معها. أحد هذه الدرجات الوظيفية هي تولّيك للمسئولية لأن تصبح مديرًا للمرة الأولى في حياتك المهنية، وهو الأمر الذي لا بد وأن يحدث تغييرًا كبيرًا على مستوى عملك، يحتاج منك إلى تفكير في كيفية التعامل معه بالشكل الأمثل.
النصيحة الأولى: افهم طبيعة العمل جيدًا
من المهم قبل أخذ أي خطوة ناحية العمل، الحرص على فهم طبيعة المهام المطلوبة جيدًا. الأمر لا يقتصر على كونك قد أتيت إلى الشركة كمدير جديد، ولكن يشمل كذلك ترقيك في مكان عملك الحالي، فلا تظن أنّ هذا سيجعلك أكثر فهمًا للمهمة، بل لا بد من القيام بهذه الخطوة.
يمكنك الجلوس مع جميع الأطراف المهمين في هذا الجانب، سواءً مجلس إدارة الشركة أو ملّاكها، وكذلك المشرفين على الأقسام المختلفة داخلها، حتى يمكنك من خلال هذه الاجتماعات معرفة الأهداف المطلوبة منك وما هي الخطة العامة للشركة خلال الفترات القادمة.
سيفيدك أيضًا قراءة التقارير السابقة المتوفرة داخل الشركة، سواءً عن العمليات التي يتم تنفيذها، أو حول المبيعات مثلًا، وكذلك التقارير الخاصة بأداء العاملين، بحيث يمكنك تقييم كل الجوانب قبل البدء، معرفة نقاط القوة والضعف، ومن ثم توقع المشاكل التي يمكن أن تواجهك، أو تحديد الأشياء التي ستستفيد منها في المستقبل.
النصيحة الثانية: ركّز على عقد اجتماعات فرد-لفرد مع الجميع
لا يقتصر الأمر على الإدارة العليا ولا حتى مع المشرفين على الأقسام، ولكنّه يمتد كذلك ليشمل جميع الأفراد في الشركة. يعتمد هذا على الوقت المتاح لك للاجتماع مع كل فرد على حدة، وأخذ رأيه في كل تفاصيل العمل بحيث يمكنك في النهاية معرفة الانطباعات والأفكار الشخصية الموجودة لدى كل فرد.
من المهم ألّا تجعل هذا الجزء يأخذ منك وقتًا طويلًا في البداية، وسيفيدك أيضًا أن تجعلها مسألة دورية تحدث كل فترة، لأنّها ستساعدك في تقييم مسار العمل والتأكد من أنّ كل شيء يسير على ما يرام، وكذلك يقرّبك من العاملين معك نظرًا لاهتمامك بآرائهم.
النصيحة الثالثة: ضع استراتيجية للإدارة
من الأشياء التي تساعدك على التميز كمدير داخل العمل، هي أن يكون لديك البصمة الخاصة بك، فأنت لا تأتي إلى العمل في هذه الوظيفة فقط لتنفيذ ما يتم وضعه من القائمين على الشركة، وفي الأغلب لا يريد أحد تعيين شخص في موضع إداري فقط لينفّذ، بل يبحثون عن الشخص الذي يملك استراتيجية خاصة به.
لذا، بعد الانتهاء من عقد جميع الاجتماعات التي ستساعدك في فهم طبيعة العمل، وتكوين رؤية خاصة حول الوضع الحالي للشركة، يمكنك أن تفكّر في وضع الاستراتيجية الخاصة بك، والتي ستعتمد عليها في إدارة جميع التفاصيل داخل الشركة، وستساعدك في تحقيق الأهداف المطلوبة.
النصيحة الرابعة: استخدم التفويض والتمكين في عملك
أنت لا تعمل في منصب المدير لكي تقوم بكل شيء بمفردك، بل إنّ هذا يتعارض من الأساس مع منطق المدير، والذي ينبغي له متابعة سير العمل في المهام المختلفة لا تنفيذها، وبالتالي يحتاج هذا الأمر إلى تحديد المهام التي ينبغي عليك القيام بها، وكذلك التفكير في المهام الأخرى التي يمكن تفويضها.
راجع قائمة المهام المطلوبة منك دائمًا، وحدّد أيها يمكنك تفويضه للآخرين، بحيث يمكنهم من خلال هذه المهام التعلّم والتطور ليصبحوا أفضل داخل العمل. فهذا من مهامك كمدير، أن تساعد العاملين معك في التطور، من خلال تمكينهم وتعليمهم كيفية أداء المهام المختلفة.
النصيحة الخامسة: بناء الثقة في الفريق
يعتمد جزء كبير من نجاحك كمدير على قدرتك في إدارة فريقك بالشكل الأمثل للطرفين، لذا أنت في حاجة دائمًا إلى بناء الثقة معهم، والثقة لا تأتي بكلمات، لكنّها تعتمد على الأفعال المختلفة التي تقوم بها في العمل.
من أجل هذا ستحتاج إلى أن تكون بقربهم دائمًا، لكن من دون التدخل في طريقة أدائهم للوظائف ولا شعورهم بأزمة بسبب هذا الأمر، لأنّ هذا النمط في الإدارة لا يفضله أحد. واسمح لهم بتنفيذ المهام بطريقتهم الخاصة، طالما تتوافق مع الهدف الذي تريده، ولا يتعارض مع نظام الشركة.
كذلك حاول إشراكهم في الخطط المختلفة للشركة، من خلال منحهم الفرصة للإدلاء بآرائهم وإن كان بالإمكان تضمينها في الاستراتيجية الخاصة بك فلا تتردد في هذا الأمر، وإذا لم يكن هذا متاحًا حاليًا، يمكنك تسجيل كل ما يُقال والعودة له في الوقت المناسب.
النصيحة السادسة: ركّز على التغيّر في العلاقات بينك وبين العاملين معك
لو كنت تشغل منصبًا معينًا في الشركة ذاتها قبل الانتقال إلى درجة أعلى لتصبح المدير، فغالبًا سيحدث تغيّر في طبيعة العلاقات بينك وبين زملائك في العمل. فحتى إذا لم يكن هذا من ناحيتك، سيبدأ هذا التغيير منهم بشكل رئيسي، نظرًا لقناعتهم بوجود اختلاف في الرابط بينكم.
في الواقع هذه الأمر حقيقي جدًا، فحتى مع وجود علاقات صداقة بينكم خارج العمل، لكن داخل العمل فالتغيّر سيؤدي إلى حدوث قدر من الاختلاف داخل العمل، مثل أنّك أصبحت المسئول عن أدائهم، وبالتالي من واجبك محاسبتهم. لذا، حاول دائمًا التركيز على التغيّر في العلاقات، وإبراز أنّ هذا لا يعني تغيرًا في شخصك أو في أسلوب معاملتك، لكنّه فقط في النظام الموضوع للإدارة.
النصيحة السابعة: ركّز على بناء بيئة عمل إيجابية
كل هذه الأشياء تحتاج إلى وجود بيئة عمل إيجابية للجميع حتى يمكنك تنفيذها بأفضل شكل ممكن. لذا، فكّر في خلق هذه البيئة، وضع نظامًا واضحًا للعمل، يجعل الأمور أكثر سهولة لتنفيذ المهام، وبالشكل الذي يجعل أداء الموظفين في أعلى مستوياته دائمًا.
من المهم في النظام وبيئة العمل أن تتوافق مع سياسات الشركة والنظام المتّبع داخلها، فهذا في النهاية سيجعل هناك قابلية لاستمراره مع الوقت، وسيزيد من إمكانية نجاح الشركة وخلق حالة من الانتماء داخل الموظفين، تجعلهم يفضلون العمل معك باستمرار.
النصيحة الثامنة: اعرض المساعدة لكن بحدود
يتمثل جزء من دورك كمدير في تقديم العون والمساعدة للعاملين معك، ولهذا فإنّ مبادرتك بعرض المساعدة ستجعلك تقرّب أكثر منهم وتزيد من محبتهم لك، وكذلك قبولهم بأي توجيه تخبرهم به. لكن تذكر أن الهدف الرئيسي هو قيام الموظف بعمله على أكمل وجه، لا أن يقوم به أحد بدلًا عنه.
قد تؤدي هذه المساعدة إلى خلق موظف كسول، يعتمد عليك دائمًا في تنفيذ المهام الصعبة ولا يحاول تعلّمها. لذا، اجعل عرض المساعدة محدود دائمًا بمحاولات التعليم للشخص ليجيد العمل على النظام الموضوع حاليًا، لا أن تقوم بأداء المهمة بدلًا منه، بحيث تساعده على فهم النظام وإتقانه، ومن ثم تنفيذ المطلوب بفاعلية.
النصيحة التاسعة: ابحث عن موجّه لك
الشيء الصعب في تجربة المدير للمرة الأولى أنّك غالبًا تحتاج إلى الكثير من النصح والتوجيه خلالها، ليس لنقصٍ في مهاراتك أو قدرتك على إجادة العمل في هذه الوظيفة، ولكن لأنّ التجربة جديدة كليًا عليك، وبالتالي قد تفوتك بعض التفاصيل في الكثير من الأحيان، وبالتالي فإنّ وجود موجّه لك لمساعدتك في هذا الأمر سيصنع معك فارقًا حقيقيًا.
لو أمكنك الحصول على هذا الشخص من داخل العمل، من الأشخاص الموجودين في درجة أعلى منك، فإنّ هذا أفضل، نظرًا لفهم الشخص لطبيعة العمل وكل التفاصيل الخاصة به، وبالتالي ستكون نصائحه أكثر واقعية في هذه الحالة.
أمّا إن لم يكن هناك من يمكنه مساعدتك في هذا من الداخل، فيمكنك الاستعانة بموجّه من خارج العمل، لكن مع الحفاظ على أسرار الشركة والتفاصيل الخاصة بها، والتي لا ينبغي مشاركتها مع أحد، بحيث يمكنك الالتزام بأخلاقيات العمل، وفي الوقت ذاته تحقيق الفائدة التي تريدها من الموجّه.
النصيحة الأخيرة: تذكّر أنّك نموذج للبقية
تذكّر دائمًا أنّك تقدم نموذجًا للبقية، وكلّما التزمت بالمبادئ والقوانين المتفق عليها، سيحفّز هذا العاملين منك للالتزام من ناحيتهم، فالقيادة بالنموذج تمثل مصدرًا حقيقيًا لنجاحك. لذا حاول دائمًا الاتساق مع نظام العمل في الشركة، وأن تلتزم به كأول شخص ليشعر الجميع بأهمية تنفيذ الأمر مثلك.
تحتوي تجربة المدير للمرة الأولى على الكثير من التحديات، وتحتاج إلى امتلاكك لعقلية مرنة ومتطورة قادرة على التعامل مع المواقف المختلفة التي تحدث معك. لكن تذكّر خلال رحلة عملك أن تترك بصمتك الخاصة، وأن تقدم نموذجًا للإدارة يجعل الجميع يؤمن بأنّ تجربة عملهم معك هي الأفضل لحياتهم المهنية.