يراودك أحيانًا شعور بعدم الارتياح، أرق يتخلل روحك، تشعُر حينها بضعف العزيمة ورغبة مُلِحّة بالبقاء مُستلقيًا في الفراش، وعدم القدرة على تأدية عملك المُعتاد؟
هذه كلها مؤشرات لغياب الصحة النفسية عنك، لكن لا تقلق بهذا الشأن لأنك هُنا ستتصلُ بذاتك وتستطيع ترميم صحتك النفسية في خطوات بسيطة.
ما هي الصحة النفسية؟
الصحة النفسية هي حالة من الرفاهية النفسية التي بامتلاكها تستطيع مواجهة تحديات الحياة الصعبة، وتحقيق أهدافك دون أي مُنغِّصات، كما أنها عامل مُهم يمنحُك القدرة على تكوين علاقات صحية، واتخاذ قرارات صائبة.
قد تظن أن الصحة النفسية تعني غياب الاضطرابات النفسية فقط، في حين أن هناك اعتلالات أخرى للصحة النفسية، على سبيل المثال: حالات الإعاقة النفسية والاجتماعية، خطر إيذاء النفس، وغيرها من الاعتلالات التي قد تؤدي إلى معاناة أصحابها من تدنّي مستويات الراحة النفسية كذلك.
تعريفات الصحة النفسية
وضعت بعض المدارس النفسية تعريفات أخرى للصحة النفسية، منها:
- تعريف مدرسة التحليل النفسي: أنشأ هذا التعريف عالم النفس فرويد، حيث قال: “الصحة النفسية هي قدرة الإنسان على القيام بالعمل، طالما أنه لا يُعاني من أي مرض”.
- تعريف المدرسة السلوكية: هي اختيار الفرد السلوك المناسب مع المواقف التي تواجهه، معتمدًا على الأفكار الاجتماعية التي اكتسبها من محيطه.
- تعريف المدرسة الإنسانية: عرفت هذه المدرسة مُتمثلة في العالم ماسلو، الصحة النفسيّة على أنها شخصية سوية يمتلكها الإنسان، تُمكنه من التعامل مع الأحداث التي تجري معه، وهي عكس الشخصيّة غير السوية والتي لا تستطيع التعامل بشكل جيّد مع الأحداث الحاصلة معها.
إضاءة: بالجمع بين التعريفات السابقة نجدُ أن الصحة النفسية تعني “القُدرة”، فمتى شعرت بالقُدرة على الإنتاج، العمل، التعامل مع المحيطين بك، ومُجاراة الأحداث بأريحية، فأنت تتمتع بصحة نفسية جيدة.
ما أهمية الصحة النفسية، وكيف تُساعدك على رفع كفاءة حياتك؟
تلعب الصحة النفسية دورًا محوريًا في حياتنا؛ حيث تسمح لنا بالتفكير والشعور والتصرف بطرق صحية تُمكننا من العمل بأفضل ما لدينا. كما أنها تبُثُّ السعادة والاستقرار بدواخلنا، وتبعثُ فينا القدرة على البذل والعطاء. وبطريقة مثالية تمكننا من إيجاد حلول متوازنة للمشكلات الاجتماعية التي قد تؤثر في سلامة البناء الضوئي للصحة النفسية، ويمكن تلخيص أهمية الصحة النفسية في بعض النقاط الهامة على النحو التالي:
- الاستقرار والسلام النفسي؛ حيثُ تمنحك الصحة النفسية شعورًا دائمًا نسبيًا بالهدوء، السكينة، والأمان، وتُحدُّ من شعورك بالقلق والتوتر والمخاوف الدائمة.
- فعّالية الصحة النفسية لذاتك؛ حيث تُساعدك على خلق بوّابة لفهم ذاتك، وفهم الآخرين من حولك، وتُمكنك من السيطرة على عواطفك، وضبط انفعالاتك ورغباتك، بعيدًا عن الاضطرابات السلوكية غير السويّة.
- تنشئة أطفال أسوياء وأصحاء نفسيًا، فكلما تمتّع أربابُ الأسرة، والأهل بقدر جيّد من الصحة النفسية، كانت قدرتهم على تحسين الصحة النفسية لدى أطفالهم أكبر، وهذا يزيد من تكوين مجتمع سوي نفسيًا، فالأسرة هي لبنية المجتمع، وتظل الأسرة المستقرة نفسيًا نموذج واقعي للترابط والتمتُّع بالقوة الداخليّة والخارجيّة.
- العمل بفاعليّة، وتحسين الأداء الوظيفي، فمن أهم الثمار التي تُحصّلُها من تمتعك بالصحة النفسية هي قابليتك للإنتاج والعمل بشكل أفضل، وقدرتك على خلق هالتُك الخاصة للتطوّر والاستمرار بتقديم الأفضل والإنجاز المستمر.
- تقبُّل الذات والتكيُّف معها، قد تكون أكبر مُشكلة تواجهها هي عدم تقبُلك لذاتك، ولها من أهم سمات الصحة النفسية هي إعطاءك القدرة على التكيُّف مع ذاتك وتقبُلها؛ فتنشأ عنك أفعال سويّة وإيجابية يتقبلها من حولك.
ما هو الخطر الذي قد يُداهمك عند غياب الصحة النفسية؟
قد لا يكترثُ البعض بتحسين صحتهم النفسية، ظنًا منهم أنها تُعد رفاهية لا توجد ضرورة من تحقيقها. في حين أنها لا تقل أهمية عن الصحة الجسدية، بل قد يؤدي تدهورها إلى حدوث خلل جسدي!
هُناك الكثير من الاضطرابات النفسية والسلوكية التي يُمكنها مُداهمتك عند غياب الصحة النفسية، وقد تحتاج هذه الاضطرابات الكثير من الوقت للتعافي، أشهرها:
- القلق هو جزء طبيعي من معاناة الحياة. وبالرغم من ذلك يتحول مع غياب الصحة النفسية إلى اضطراب شعوري بالقلق المستمر، والخوف المُفرط من المواقف اليومية؛ تؤدي أحيانًا لنوبات متكررة من مشاعر القلق الشديد والخوف أو الرعب المفاجئ، تصل إلى ذروتها خلال دقائق، فيما يُعرف بـ(نوبات الهلع).
- الاكتئاب هو تحوّل الحزن إلى حالة مُستمرة يشعر فيها الفرد بالوحدة، وعدم القدرة على مواكبة الحياة وفعل الأشياء المعتاد على فعلها. وقد تؤدي حالات الاكتئاب المُتقدمة إلى خسارة المرء حياته؛ نتيجة لانقطاع تواصله مع ذاتها، وحدوث إعتام تام في جوانب حياته منعته من إيجاد راحته النفسية.
إضاءة: الصحة النفسية تبدأ منذ اليوم الأول لوجودك في هذا العالم، فهي مُرتبطة بالتربية المُتحكمة في طبائعك والطريقة التي نشأت عليها، وأيضًا تطبُعك والسلوكيات التي قد تكتسبها على مدار حياتك. ومن هنا نبدأ حديثنا بتوسع عن العوامل المؤثرة في صحتك النفسية.
عوامل مهمة جدًا لها تأثير مُباشرعلى صحتك النفسية
هُناك عاملان مُهمان يؤثران على صحتك النفسية، ويُؤدي وجود خلل في أحدهما إلى خلل في الصحة النفسية، هما:
الأسرة فهي العامل الأساسي، والأول في التأثير على الصحة النفسية؛ حيثُ يُعزز مناخ الأسرة المترابط من الصحة النفسية للأبناء، ويمنحهم قدرة على تشكيل شخصية مُتزنة، واثقة، وبدون أمراض نفسية.
العمل يُمثل العمل جزء كبير من حياة الفرد؛ لذلك يُعد عامل مُهم يؤثر على الصحة النفسية في علاقة طردية، حيث أنه كُلما كانت بيئة العمل أكثر راحة وذات مناخ مناسب، كُلما زاد ذلك من التمتع بصحة نفسية سليمة.
6 نصائح ذهبية لتعزيز صحتك النفسية
لا شك أنك أصبحت الآن على دراية كاملة بأن الصحة النفسية عالم ما وراء النفس، وأن امتلاكك لصحة نفسية أفضل تزيد من قدرتك على الحياة بشكل أفضل؛ لهذا سأُشاركك 6 نصائح فعّالة تساعدك في تعزيز صحتك النفسية، وهي:
- فكِّر بإيجابية
أفكارنا هي المُتحكم في مشاعرنا؛ لذلك يُمكنك تحسين حالتك النفسية بالابتعاد عن الأفكار والأحداث المُزعجة، والتركيز على الأشياء التي تُشعرك بالراحة والسعادة، حاول أن تُوجّه تفكيرك لأشياء لطيفة تحدث في حاضرك بعيدًا عن آلام الماضي، وتوقّف عن متابعة الأخبار التي تسبب لك أي شعور بالضغط وعدم الارتياح. لأنك تستحق الأفضل، قدّم لنفسك الأفضل.
- أنشئ تواصلك الخاص مع الآخرين
علاقتنا بالآخرين تزيد من تحسين صحتنا النفسية بطريقة مثالية؛ حيثُ أنّ جلوسك وحيدًا لفترات طويلة تؤثر بشكل سلبي على صحتك النفسية مما يُعرّضك للإصابة بالاضطرابات النفسية مثل: الاكتئاب والقلق. على عكس تواصلك الدائم مع من حولك سواء في الجلسات العائلية، أو حفلات الأصدقاء والخروج لقضاء وقت ممتع برفقتهم الذي يُعزز من صحتك النفسية، ويمنحك شعور بالسعادة الداخلية.
- كُن مُمتنًا للحظاتك السعيدة، وقدّر ذاتك
مُمارسة الامتنان طريقة مثالية قادرة على تغيير نظرتك للحياة، وتحويلها لنظرة إيجابية، فكُلما زاد إدراكك لقيمة الأشياء من حولك، وتقديرك لإنجازاتك الشخصية مهما كانت صغيرة، كُلما زاد هذا من شعورك بالسعادة، وتحجيم أي مشاعر سيئة قد تُزعجك. قدّر نجاحاتك، وكافئ نفسك عليها.
- مارس التأمُل، وأطلق سراح روحك
يظل التأمُل من الطُرق الفعّالة للاسترخاء، والحدّ من التوتر والقلق؛ حيثُ أنه يعتمد على التركيز بشئ مُعين، والتنفُّس بعُمق مع اختيار وضعية مناسبة ومُريحة للجلوس بعيدًا عن الضوضاء. اجعل التأمل روتين يومي، واخلو بنفسك.
- ضع دفترًا وقلم تحت وسادتك!
الكتابة من أكثر المُمارسات التي تُساعد في تفريغ الكثير من الشُحنات السلبية، والضغوطات النفسية التي قد تكون مُحمّلًا بها؛ لذلك فإن وضع دفترًا تحت وسادتك، وكتابة كل ما يدور بعقلك بمُجرد استيقاظك بطريقة عشوائية هي فكرة جيدة تجعلك تُلقي جميع أفكارك بداخله، وتستقبل يومك بذهن صافي وصحة نفسية مثالية.
- حافظ على تناول وجبات صحية
هُناك علاقة وثيقة بين الطعام والصحة النفسية؛ حيثُ أشارت الدراسات إلى وجود علاقة بين الإصابة بالاضطرابات النفسية مثل، الاكتئاب، ونقص مستويات فيتامين D وB12 في الدم، مما يعني أن الحفاظ على معدلهما الطبيعي يُساعد في تعزيز الصحة النفسية.
ختامًا، استثمر في صحتك النفسية واتبع النصائح التي تحدثنا عنها في هذا المقال، فصحتك النفسية هي كنز حقيقي قادر على تغيير حياتك للأفضل دائمًا.
مقال أكثر من رائع وممتع جدا
شكرا أستاذة اسماء مقال مميز بالتوفيق ❤️❤️
أجمل بوست قرأته عن الصحة النفسية
المعلومات معروشه ب شكل بسيط ومنمق جدا 🩵🩵