عندما تصبحين أمًا، تضعين الأمور في ميزانها الصحيح؛ ليصبح العالم كله هو طفلك، تتابعين نموه لحظة بلحظة، وتحفظين ملامحه في قلبك، وتدرسين علوم الطب والتربية من أجله. فهل هناك مَن هو أقدر منك على ملاحظة أي علامات غير طبيعية على طفلك وخاصة مرض التوحد لما له من تأثير كبير على الطفل في المستقبل؟! تابعي المقال؛ وتعرفي معنا على 5 علامات مهمة تكتشفين بها مرض التوحد عند الرضيع في مراحله الأولى.
مرض التوحد وأسباب حدوثه عند الأطفال
“يعاني طفل من كل 100 طفل من مرض التوحد”. تدق هذه الإحصائية ناقوس الخطر، وتُشعرك بمدى انتشار هذا المرض بين الأطفال في جميع المجتمعات النامية والمتقدمة خاصة بين الذكور، ولكن بطبيعة الحال تكون الإحصائيات أكثر دِقَّة في البلدان المتقدمة.
اضطراب طيف التوحد أو كما يُطلق عليه “التوحد” هو اضطراب في النمو يؤثر في التواصل والتفاعل الاجتماعي. يُرجح العلماء أن مرض التوحد ينتج من عدة عوامل منها:
- عامل الوراثة من أحد أفراد الأسرة.
- التعرض للتلوث البيئي.
- خلل في جينات الجنين.
وفي كثير من الحالات يعاني مريض التوحد من بعض الأمراض المصاحبة له مثل:
- الاكتئاب.
- صعوبة النوم.
- مشكلات الجهاز الهضمي.
- الصرع.
يدعوكِ كل هذا إلى الاهتمام بمعرفة مراحل نمو طفلك بدقة، والتعرف على أعراض مرض التوحد عند الرضيع؛ فأنتِ الشخص الأكثر اهتمامًا وحبًا لهذا المخلوق الجميل، والأقدر بقلبك المحب وعقلك الواعي على ملاحظة إشارات الخطر في هذه المرحلة من عمر طفلك.
التطور الطبيعي للرضيع حتى عُمر سنتين
يرقص قلبك فرحًا مع كل حركة أو كلمة جديدة يُفاجئك بها طفلك، وأحيانًا تتعجلين تطور طفلك وتبدئين في مقارنته بأقرانه، وتتناسين أن لكل طفل إيقاعه الخاص في النمو. ولكن هناك قواعد وتطورات رئيسية يُعد التأخير فيها بشكل واضح علامة على عدم نمو الطفل بصورة سليمة مما يستدعي زيارة طبيب الأطفال على وجه السرعة.
الطفل من عمر ثلاثة إلى ستة أشهر
- يتحكم في حركة رأسه.
- يمسك لعبة بين يديه.
- يجلس دون مساعدة.
- ينتبه عند سماع الأصوات.
- يهز ذراعيه وساقيه.
- يستطيع التدحرج.
- يركز في وجوه المحيطين.
- يبدأ في إخراج بعض الحروف.
الطفل من عمر ستة إلى تسعة أشهر
- ينتقل الطفل بسهولة من وضعية النوم للجلوس.
- يمسك الأشياء بدقة، يُميز الأشياء والأشخاص بصورة أفضل.
- يحاول إصدار أصوات ليجذب الانتباه.
- يتطور بشكل أسرع.
الطفل في عمر السنة
- يستطيع الزحف والوقوف بدعم.
- ينطق بعض الكلمات البسيطة.
- يرتبط بألعابه.
- يفهم بعض كلمات مَن حوله.
- يحاول الأكل بنفسه.
- يغضب إذا لم يُستجاب لرغباته.
- يبدأ في تقليد بعض حركات الكبار.
الطفل في عمر السنتين
- يتمكن الطفل من المشي والركض والتسلق.
- يدرك الأخطار إلى حد ما.
- يحاول الاعتماد على نفسه.
- يلعب مع أقرانه.
- يُسمي الأشخاص والأشياء مِن حوله.
5 علامات مهمة تكتشفين بها التوحد عند الرضيع
تختلف أعراض التوحد من طفل لآخر، ولكن تبقى هناك 5 علامات مهمة تظهر بوضوح عند الرضيع قبل بلوغ عامين، وتُشير إلى أهمية الإسراع لاستشارة طبيب متخصص في مرض التوحد عند الأطفال.
1. ضعف القدرة على التواصل بالعين
تلاحظين عدم اهتمام الرضيع بالنظر إلى الأشياء والأشخاص أو متابعة الأجسام المتحركة حوله مهما حاولتِ لفت نظره بطرق مختلفة.
2. قلة التواصل الاجتماعي
لا يُظهر الرضيع تفاعًلا مع الآخرين أو استجابة للضحك واللعب، ولا يلتفت حين مناداة اسمه، ويُفضل اللعب بمفرده، وينزعج عند الاقتراب منه أوتقبيله أومعانقته!
3. اضطراب اللغة
يتأخر التطور اللغوي عند الرضيع، ولا “يُناغي” كبقية الأطفال في مثل عمره، ولا يستطيع نطق بعض الكلمات البسيطة ككلمة بابا أو ماما.
4. تكرار السلوك
من علامات التوحد عند الرضيع تكرار الحركة عدة مرات بطريقة لافتة للنظر، مع التركيز على التفاصيل. قد يشد انتباهه جزءًا صغيرًا جدًا في لعبة، ويقضي وقتا طويًلا في النظر إليه.
5. شدة الحساسية للمتغيرات
طفل التوحد شديد الارتباط بروتينه اليومي، وعند حدوث تغيير ولو بسيط في ترتيبه أو أحداثه ينزعج بشدة، ويبدأ في الخوف والبكاء غَير المُبرر. كما تبدو عليه الحساسية الشديدة للمثيرات الخارجية كالأصوات والأضواء.
ماذا بعد ظهور أعراض التوحد عند الرضيع؟
كأي أم تمتلكين بداخلك رادارًا يلتقط أي إشارات غير طبيعية في تطورات نمو طفلك، في هذه المرحلة عليك قطع الشك باليقين، واستشارة متخصص في مرض التوحد عند الأطفال؛ فهو الأقدر على تحديد حالة الرضيع بدقة، فالتوحد ليس درجة واحدة، بل ينقسم إلى: توحد خفيف، وتوحد متوسط، وتوحد شديد.
يُسهم تشخيص التوحد مبكرًا عند الرضيع ومعرفة نوعه والتدخل العلاجي في تحسين حياة الطفل في المستقبل، من خلال تغيير طريقة تفاعله مع الأحداث والأشخاص وجذبه إلى دائرة الحياة الاجتماعية، بدلًا من تهميشه وتركه في عزلته. يشتمل علاج التوحد على:
- علاج سلوكي لتقليل نوبات الغضب والسلوك العدواني.
- علاج لغوي لتعليم الطفل كيفية التحدث واستخدام اللغة.
- علاج لتحسين المهارات في الحياة اليومية.
- وقد تكون المشاركة في الأنشطة الرياضية وسيلة مهمة في علاج طفل التوحد.
لا تلومي نفسك واستعدي لرحلة الشفاء مع رضيعك
أحيانًا ما يضعك الآخرون في خانة الاتهام، لا تستسلمي لذلك! فلستِ مسؤولة عن تأخر نمو طفلك؛ فهذا من أعراض مرض التوحد. ما تحتاجين إليه في هذه اللحظة التالي:
- “فاقد الشيء لا يعطيه” لا جدال في صحة هذه المقولة! فلا تخجلي من طلب الدعم النفسي لمساعدتك على التكيف وإدارة التوتر. استعيدي قوتك وابدئي رحلة العلاج مع طفلك؛ فكلما كان التدخل أسرع كانت النتائج أكثر فاعلية وإيجابية.
- الانضمام إلى مجموعة دعم، والتواصل مع أمهات لأطفال مصابين بالتوحد والاستفادة من خبراتهن؛ فمَا تمرين به الآن أصبح تجربة عند الأخريات يمكنك اختصار الكثير من الوقت والجهد عند التعرف على خلاصتها.
- الابتعاد عن التهوين والتهويل! فلا تهملي علاج طفلك وتعتقدي أن حبك واهتمامك كفيلان بشفائه من مرض التوحد، ولا تظني أنها نهاية العالم، وتحبسي نفسك داخل مخاوفك وأوهامك، وتتناسي أن التوحد مرض يمكن الشفاء منه والوصول إلى نتيجة مرضية.
- الصبر ثم الصبر! ما يجب تعويد نفسك عليه في هذه المرحلة؛ الصبر على رحلة العلاج وعدم تعجل النتائج، والصبر على حالة تكرار الكلمات والحركات التي سيقوم بها طفلك التي قد تُشعرك أحيانا كثيرة بالملل، والصبر على نوبات الغضب التي تنتابه ومحاولة امتصاصها بهدوء، والصبر على مشاركته نشاطاته وتفاصيل يومه بحب وحماس.
بعد التعرف على 5 علامات مهمة لاكتشاف مرض التوحد عند الرضيع، لا تنسي أن العلم يحمل كل يوم مزيدًا من الأمل لمرضى التوحد، وأنك قادرة على تجاوز كل الصعاب بقوتك وبمساعدة كل من يحبك ويحب طفلك.