كل ما تريد معرفته عن الصدمات النفسية وكيفية التعافي منها

الصدمات النفسية

يقول مالكوم إكس “كُن مستعدًا لتلقي الصدمات! فالحياة مُفاجآت، فقد تأتيك من البعيد وقد تأتي من أقرب الناس إليك”. في الحقيقة الحياة مليئة بالصدمات النفسية، ولا تمر حياة إنسان بسلاسة دون الوقوع بصدمة فوق استيعابه. 

فقد تحدث له فجأة دون سابق إنذار كحدوث كارثة طبيعية، أو نشوب حرب أو التعرض لحادث سير أو فقدان حبيب. لذا جمعنا لك في هذا المقال كل ما يتعلق بالصدمات النفسية حتى تعرف ما إذا كنت تُعاني منها أم لا. 

مفهوم الصدمات النفسية 

الصدمة النفسية هي استجابة عاطفية لتجربة مؤلمة تعرض لها الإنسان في وقت ما من حياته مثل الوجود في ساحة حرب أو التعرض لكارثة طبيعية أو الاعتداء عليه. هذه الصدمات تفقد الإنسان الشعور بالأمان، وتزيد من قلة ثقته بالآخرين وعدم التواصل معهم. 

أنواع الصدمات النفسية

ولأن جميع الناس مروا خلال رحلة حياتهم ببعض من الصدمات النفسية، فكان يلزم تقسيم هذه الصدمات إلى أنواع مُتعددة فمنها

  • الصدمة الحادة: صدمة تحدث نتيجة التعرض لحدث مرة واحدة بشكل مباشر وغير متوقع، مثل الإصابة بمرض أو حادث سيارة أو الاعتداء الجنسي أو وفاة حبيب. 
  • الصدمة المُزمنة: ينشأ هذا النوع من الصدمات نتيجة للتعرض لأحداث مؤلمة بشكل متكرر، مثل التعرض للتنمر أو الإهمال أو سوء المعاملة أو العنف. 
  • الصدمة المُعقدة: وهذا النوع مرتبط بما تعرضت له في فترة الطفولة، وينشأ من الإهمال العاطفي من الآباء، وإساءة مُعاملة الأشقاء والعنف الجسدي المنزلي. 

أعراض الصدمات النفسية

كل شخص له رد فعل مختلفة عن الآخر في التعامل مع الصدمات النفسية؛ تختلف حسب التجربة أو الصدمة التي تعرض لها. فبعضها يكون خفيفًا والبعض الآخر شديد للغاية. وتنقسم أعراض الصدمات لأعراض نفسية وأخرى جسدية. 

 الأعراض النفسية

  • الإنكار 
  • صعوبة التركيز 
  • الغضب وتقلب المزاج 
  • القلق والخوف 
  • الشعور بالذنب واليأس

 الأعراض الجسدية:

  • الشعور بالأرق والكوابيس
  • سرعة ضربات القلب
  • الشعور بالغثيان وآلام في العضلات وفي الجهاز الهضمي. 

مراحل الصدمات النفسية

كل شخص يعاني من صدمات نفسية لا بد له من المرور على مراحل الصدمة الخمس، قد يمر بهم جميعًا وقد يمر على بعض منها، وهذا يختلف باختلاف الأشخاص وخبراتهم والمواقف التي تعرضوا لها. 

1. مرحلة الإنكار 

أولى هذه المراحل هي مرحلة الإنكار؛ فهي تُعد رد فعل أولية عند التعرض للصدمة. فمُصاب الصدمة يستخدم الإنكار كوسيلة دفاع تقلل من شعوره بالصدمة. في هذه المرحلة يصعب على المصاب القدرة على التواصل مع الآخرين بشكل سليم. ولكن الحل الأمثل للخروج من هذه المرحلة هي مواجهة ما تعرضت له وعدم إنكاره أو رفضه. 

2. مرحلة الغضب 

بعد المرور بمرحلة الإنكار والبدء في مواجهة مشاعرك والذكريات المتعلقة بالصدمة، تظهر بوادر المرحلة الثانية والتي تتمثل في الغضب الذي يعتبر استجابة طبيعية.

 فمن الممكن أن يغضب المُصاب بالصدمات النفسية من فقدان شخص أو ظلم تعرض له في علاقة سابقة. ولكن الأمر الجيد في الشعور بالغضب هو أنه يسمح لك بالتخلص من مشاعر الحزن والألم، وهذا يساعدك في النهاية من إخفاء آثارها بشكل كامل. ولكن إذا وصل بك الأمر بأن غضبك خرج تحت السيطرة فعليك بالتوجه لمختص لمساعدتك. 

3. مرحلة المساومة

بعد المرور بمراحل الإنكار والغضب والعمل عليهم، تبدأ المشاعر الحقيقية بالظهور بشكل واضح يسمح لك برؤية الحجم الحقيقي لما فقدته أو ما حدث لك. 

وفي هذه المرحلة تتمنى أن تمر الأحداث بشكل مختلف أو تضع سيناريوهات عكس ما حدث معك. وعلى الرغم من وضع السيناريوهات بشكل مختلف، فإن هذا الأمر لا يساعدك على مواجهة الصدمة ولكن ما يساعدك على المواجهة هو تحدي هذه الأفكار. 

4. مرحلة الاكتئاب 

بعد المرور بجميع المراحل السابقة، فإن الشعور بالألم لما فقدت أو ما حدث معك يمكن أن يؤدي بك إلى الشعور بالاكتئاب، الذي يظهر على هيئة العديد من الأعراض منها: 

  • الشعور بالحزن والفراغ
  • صعوبة في النوم
  • فقدان الاهتمام بالأشياء التي كنت تستمتع بها من قبل
  •  الشعور بالذنب وعدم القيمة 

أما إذا تركت الاكتئاب دون علاج، فإنك تُعرض حياتك للخطر لذا عليك التوجه لأخصائي أو طبيب نفسي يساعدك على علاج الاكتئاب وتخطي هذه المرحلة. 

5. مرحلة القبول 

المرحلة الأخيرة هي مرحلة القبول التي تُعد خطوة إيجابية نحو التعافي. والوصول لهذه المرحلة تعني أنك عالجت واعترفت بما حدث لك، وأصبحت قادر على التعامل الصحيح مع مشاعرك وما ترتب عليها. 

والقبول يستلزم تقبل ما حدث لك، أو مسامحة من أذاك، ولكن هذا ليس ضروريًا أن يحدث معك.  ولكن عليك أن تعلم أنك في بعض الأحيان قد يؤدي تقبل الصدمات النفسية إلى مشاعر الحزن أو الغضب أو الألم، لذا من المهم عدم الضغط على نفسك لتكون أفضل عليك فقط أن تكون مُستعدًا.

التعافي من الصدمات النفسية 

أول طريق للتعافي من الصدمات النفسية، هو وضع يدك على المشكلة والبحث عن طرق العلاج المناسبة، وبمجرد معالجة الحدث المؤلم الذي مررت به فتتلاشى أعراض الصدمة تدريجيًا. 

ولكن عليك أن تعلم أنك أثناء العلاج وشعورك بالتحسن، ستشعر بالانزعاج بين الحين والآخر بسبب حدوث شيء يذكرك بالصدمة أو المرور بمشاعر مؤلمة. هناك بعض الخطوات التي يجب عليك اتباعها للتعافي من الصدمات النفسية: 

1. الاعتراف بالحدث 

بعض الأشخاص الذين مروا بصدمة يكون من الصعب عليهم تصديق ما حدث لهم، يتصرفون وكأن لم يحدث لهم أي شيء على الإطلاق. لذا عليك الاعتراف بما حدث لك، لأنك إذا أنكرته لا يمكنك البدء في الشفاء. 

2. تقبل الدعم من الآخرين

يلعب الدعم دورًا هامًا في التعافي من الصدمات النفسية، ويجب عليك أن تتقبل الدعم من الآخرين، خاصة وإذا كان من شخص تعلم أنه يحبك مثل أفراد عائلتك أو شريكك أو أصدقائك. 

3. الاهتمام بالذات 

الاهتمام بالذات عامل أساسي في التعافي من الصدمة، لأن الشخص يبدأ بتحديد أولوياته واحتياجاته ويركز فقط على طرق التعافي.  ومن الأمور التي تساعدك على الاهتمام بذاتك: 

  • الاستماع أو مشاهدة محتوى تحبه
  •  تناول وجبة لذيذة
  • قراءة الكتب
  • التأمل واليوجا والرقص
  • السفر  

4. الاهتمام بالصحة الجسدية 

صحة جسدك لها تأثير قوي على صحة عقلك، لذا عليك الاهتمام بكل ما يتعلق بنظامك الغذائي ونشاطك البدني ومواعيد نومك. فعلى سبيل المثال: يجب عليك تناول الطعام الصحي وممارسة الرياضة والنوم بشكل كافِ ومريح. 

5. افعل شيء يسعدك كل يوم 

بعد المرور بصدمة، يصعب على المصابين بها الشعور بالرغبة في فعل شيء أو التفكير في أي شيء ممتع، لأن الشعور الغالب عليهم في ذلك الوقت هو الحزن والألم والقلق. ولكن المشاركة في أنشطة ممتعة هي من أفضل الطرق للشفاء من الصدمات النفسية.

يمكنك الذهاب إلى مكان جديد، أو تجربة طعام جديد، أو التطوع أو المشاركة في أنشطة مختلفة كالرسم أو الرقص أو الغناء. 

6. دون مشاعرك 

كتابة مشاعرك عما مررت به من صدمات نفسية يساعدك في التعافي منها حتى وإن كان الأمر مؤلم في كثير من الأحيان. التدوين يساعدك على معرفة مشاعرك والتخلص من كل شعور سلبي كالقلق والاكتئاب والحزن. 

7. الذهاب لطبيب مُختص 

يُفضل الاستعانة بطبيب متخصص ليساعدك على التخلص من الصدمات النفسية التي تعاني منها. ولكن عليك اختيار أخصائي تشعر بالأمان والراحة معه. وحتى تعرف إذا كان هذا المتخصص مناسب معك أم لا عليك سؤال نفسك تلك الأسئلة: 

  1. هل تشعر بالراحة عند مناقشة مشاكلك معه؟
  2. هل تشعر بأن المعالج يفهم ما كنت تتحدث عنه؟
  3. هل يعاملك باحترام وتعاطف؟
  4. هل يأخذ مخاوفك بشكل جاد أم يقلل منها أو يرفضها؟ 

أخيرًا، الحياة لا تقف على وتيرة واحدة، ستجد أيام كثيرة مليئة بالسعادة وأيام أخرى مليئة بالأحداث الصعبة والمؤلمة. وما يؤلمك الآن سيمضي مثل ما مضى قبله، كل ما عليك فعله هو تقبل ما حدث لك، والبدء في التعافي لأن هناك دائمًا شيء جميل تستحق أن تعيش من أجله.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *