طفل جديد في العائلة؟! عند سماع هذه الكلمات نبتهج، ولكن هل يشعر الوالدان بشكل مماثل؟
بعد ولادة الطفل يختبر الأب والأم خاصة العديد من المشاعر المختلطة مثل السعادة والإثارة والإحباط؛ التيمة المعتادة للأسابيع الأولى هي التقلبات بين أقصى اليمين وأقصى اليسار في المشاعر.
قد تتطور التقلبات المزاجية لدى الأم وأحيانا الأب لما يسمى باكتئاب ما بعد الولادة. السؤال الأهم، ما هو اكتئاب ما بعد الولادة؟
ما هو اكتئاب ما بعد الولادة؟
حالة نفسية تمر بها بعض السيدات بعد الولادة، قد تحدث بعد الولادة مباشرة، أو بعد شهور من الولادة بسبب التغيرات الكيمائية والنفسية التي تصاحب إنجاب طفل جديد. يعد اكتئاب ما بعد الولادة حالة شائعة لكنه أيضًا من الخطورة فيصيب 1 من كل 7 سيدات بعد الولادة.
أسباب اكتئاب ما بعد الولادة
- التغيرات الكيميائية تتمثل في الانخفاض الحاد للهرمونات بعد الولادة. التفسير الأقرب إلى الآن أن هرمونات الاستروجين والبروجستيرون يتضعافان أثناء الحمل عشر مرات، ثم تقل فجأة بعد الولادة لتعود خلال ثلاث أيام من الولادة لحالتها الطبيعية قبل الحمل.
- التغيرات نفسية والتحديات التي تعاني منها الأم بعد الولادة.
أعراض اكتئاب ما بعد الولادة
- البكاء معظم الوقت وغالبا بلا سبب.
- عدم القدرة على الترابط مع الطفل.
- الغضب الشديد.
- فقدان القدرة على الاستمتاع.
- الشعور بعدم القيمة واليأس والإحباط.
- التفكير في الموت أو الانتحار.
- التفكير في إيذاء الآخرين.
- قد تعاني أيضًا من فقدان التركيز ومشاكل في اتخاذ القرارات بشكل سليم.
من أكثر الأسئلة الشائعة هو لماذا تصاب بعض السيدات باكتئاب ما بعد الولادة؟ تتعلق إجابة هذا السؤال بالعوامل التي تؤثر في إصابة بعض السيدات دون الأخريات.
العوامل التي تساهم في الإصابة باكتئاب ما بعد الولادة
أولًا: عوامل مرتبطة بتاريخ الحالة النفسية للأم
- الإصابة باكتئاب في الماضي أو اضطرابات القلق.
- الإجهاض السابق.
- حدوث حمل بدون تخطيط.
- انخفاض الدخل والحالة الاجتماعية.
- نقص الدعم النفسي للأم.
- الصدمات النفسية في الطفولة.
- الخلافات الزوجية.
ثانيًا: عوامل مرتبطة بعملية الولادة
- استخدام محفزات الولادة.
- استخدام التخدير أثناء الولادة.
- الولادة المتعثرة.
ثالثًا: ما يحدث بعد الولادة
- التغيرات في الهرمونات كما تم الإشارة سابقا.
- النوم المتقطع والتعب والإجهاد يؤثر على الأم وعلى قدرتها مع التعامل مع أبسط المشاكل.
- القلق من عدم قدرة الأم على رعاية المولود الجديد.
- شعور الأم أنها أصبحت أقل جاذبية وعدم وجود وقت خاص بها بعيدًا عن الطفل.
- مشاكل في الرضاعة الطبيعية.
الكآبة النفاسية (Baby Blues)
تصاب حوالي 70% من السيدات بالكآبة النفاسية بعد الولادة. عادة ما تحدث في خلال الأيام الأولى من الولادة وقد تستمر لساعات وأحيانا تمتد إلى أسابيع، تظهر الكآبة النفاسية في صورة تغيرات مفاجئة في المزاج، فتسبب الشعور بالفرح الشديد ثم الحزن الشديد، تظهر أيضا في صورة نوبات بكاء بدون سبب وإحساس بالضجر والقلق والوحدة.
تتشابه أعراض الكآبة النفاسية مع اكتئاب ما بعد الولادة ولكن الفرق بينهما أن الثاني حدته أقوى في الأعراض.
ذهان ما بعد الولادة
هو حالة نادرة تصيب سيدة في كل ألف سيدة، ولكنه مرض عقلي خطير يحدث عادة في الشهور الثلاثة الأولى بعد الولادة.
أعراض ذهان ما بعد الولادة
- فقدان التواصل مع الواقع و الهلاوس السمعية.
- الأوهام.
- القلق والإجهاد.
- القيام بتصرفات غريبة.
السيدات اللاتي تعاني من ذهان ما بعد الولادة يجب أن يخضعن للعلاج الدوائي بعد التشخيص، وأحيانا يتم إيداعهن في المشفى بسبب احتمالية قيامهن بأذية أنفسهن أو الأخرين.
أفكار لتجنب اكتئاب ما بعد الولادة
- طلب المساعدة من المقربين في رعاية الطفل.
- التوقعات الواقعية عن النفس وعن الطفل حديث الولادة.
- ممارسة الرياضة إن أمكن أو الخروج للتنزه.
- بعد الولادة لن تسير الحياة على وتيرة واحدة، على الأم أن تتقبل المرور بأوقات جيدة وأخرى سيئة.
- تعزيز العلاقة بشريك الحياة، والأفضل ممارسة شئ مشترك معا، مثل مشاهدة برنامج تلفزيوني أو الطبخ معا والتنزه في حالة وجود شخص آخر غير الأم والأب لرعاية الطفل.
- العزلة قد تكون سبب في الاكتئاب، من الصحي للأم الانخراط في أنشطة اجتماعية وزيارة الأهل والأصدقاء.
- أيضا مخالطة الأمهات الجدد تساعد في تقبل الواقع الجديد بعد الولادة.
- والنصيحة الأهم لكل أم، نامي فورا عند نوم الطفل.
اختبرتي اكتئاب ما بعد الولادة بالفعل؟ بعض النصائح لمساعدتك في العلاج
- الحصول على قدر كافٍ من الراحة.
- اتّباع نظام غذائي صحي.
- النشاط الجسدي مهم كممارسة رياضة مناسبة طبعًا بعد استشارة الطبيب.
- المداومة على شرب المياه.
- التعرض للشمس بشكل شبه يومي.
بعد قيام الطبيب بالتشخيص يقوم بتقييم الحالة من حيث شدة الأعراض والتاريخ المرضي (الإصابة السابقة باضطرابات نفسية أو أمراض عقلية)، ثم يتم اختيار طريقة العلاج المناسبة، فاكتئاب ما بعد الولادة يمكن أن يعالج بالعلاج النفسي أو الدوائي.
1. العلاج النفسي
تشعر النساء بالعزلة بسبب إصابتهن باكتئاب ما بعد الولادة، لذا يعد الحديث مع معالج نفسي أو طبيب نفسي بإحدى الطريقتين العلاج السلوكي المعرفي أو العلاج التفاعلي من الوسائل المناسبة لعلاج اكتئاب ما بعد الولادة.
يساعد الحديث في بيئة آمنة عن ما تختبره السيدة من التقلبات في هذه الفترة ويؤهلهم للتعامل مع المشاكل والتعامل مع مشاعرهن. يتم تحديد الوسيلة المناسبة بناءً على احتياجات كل حالة.
2. العلاج الدوائي
هناك بعض العوامل التي تدفع الطبيب لوصف الدواء للحالة مثل:
- حدة الحالة.
- هل تقوم الأم بالرضاعة الطبيعية أم لا.
- التاريخ الطبي للأم.
- هل تتعاطى أي أدوية أخرى.
مضادات الاكتئاب هي أكثر الأنواع المستخدمة شيوعاً في حالات اكتئاب ما بعد الولادة، فتعمل على تحسين المزاج وإيقاف الأعراض المزعجة مثل التقلبات المزاجية والضيق والحزن.
الآباء أيضا معرضون لخطر الإصابة باكتئاب ما بعد الولادة!
اكتئاب ما بعد الولادة عند الآباء ليست حالة شائعة، ولكن تحدث بنسبة 8 إلى 10% من الآباء الجدد. يمر الآباء أيضاً بأعراض مشابهة بتلك التي تمر بها الأمهات، مثل الشعور بالضيق والإحساس بالذنب لعدم القدرة على التواصل مع الرضيع، وفقدان الرغبة في ممارسة الأنشطة المعتادة.
تظهر الأعراض أيضا في صورة الخلافات مع الزوجة باستمرار، وربما تتطور أيضا لأعراض جسدية مثل الشعور بالتعب والصداع والآلام الجسدية.
أسباب اكتئاب ما بعد الولادة لدى الرجال
- قلة النوم.
- الإصابة السابقة بالاكتئاب.
- نقص الدعم النفسي والعاطفي.
- التغيير الذي يطرأ في علاقته بالزوجة وفي شكل الحياة المعتاد.
- صعوبة التكيف مع الأبوة.
- المشاكل والأعباء المادية.
يتم علاج اكتئاب ما بعد الولادة عند الآباء بنفس الطرق التي ذكرناها سابقا. يساعد أيضا في العلاج التحدث مع شخص أخر وقضاء الوقت مع الرضيع وممارسة الرياضة والأنشطة المختلفة.
ختاما، التعافي من اكتئاب ما بعد الولادة ليس مستحيلا، ربما قد يستغرق بعض الوقت ولكن مع العلاج ونظام الحياة الصحي، يمكن التغلب بشكل كامل على اكتئاب ما بعد الولادة. ولنتذكر أن صحتك النفسية السليمة أهم ما يساعد على الاستمتاع بالأمومة.